الاثنين، 28 يونيو 2010


هكذا أحب





أنا حبيسة قلعتك .. وكم أرغب في أن أظل سجينتك إلى الأبد

قلعتك هي كوني .. وسجنك هو حريتي

روحك ترفرف حولي لتبعث علي بالأمان

أسوار قلعتك هي حدود مخيلتي

أزهار قلعتك هي جمال الطبيعة أمام عيني

التعب .. الحيرة .. الشقاء

لا بل الاشتياق .. والحنين .. والبعد عنك

نعم هذه هي مشاعري خارج قلعتك وداخله

فكم أرغب أن أظل سجينتك إلى الأبد

الحياة ما هي إلا سجن كبير .. أم قلعتك فهي سجن صغير

...

بلادك بعيدة عن بلادي

أرضك غير أرضي

فإذا أطلقتني .. ستبعد المسافات

يكفيني أن تقف على باب زنزانتي

فأنت حارسي .. وكم أشعر بالأمان وأنت بجانبي

يقف بيننا سور واحد فقط .. أعلم

أما إذا أطلقتني فستكون بيننا أسوار وبلاد وأناس

أنا مستسلمة لحبك

أسيرة قلبك

سجينة عقلك

لا تبعدني عنك .. لا تحررني

أنظر من حولي ولا أرى سوى النور النافذ من فتحة زنزانتي

أنظر إلى حالي ولا أرى سوى حبك يخترق قلبي

أنت الأمل

نعم أنت من أسرتني

نعم أنت العدو

لكن غيري من يقول ذلك

فكلماتي لك

أنت حبيبي

أنت حبيبي

و لا يجرؤ أحد على قول غير ذلك

لا تحررني فكم أرغب أن أظل سجينتك إلى الأبد

لا أزال أرتدي الفستان الذي أخذتني به على حصانك

يحمل بداخلي أجمل ذكري .. ذكري أسري

فهو الجزء الوحيد مني الذي لامس يديك

وهو آخر ما رأته عيناك مني

لعلك لاحظت عيناني تلك اللحظة .. لحظة عرفت الحب

لعلك سمعت قلبي وهو يكاد يتحرر من صدري شوقًا لك

وروحي التي لم أعهدها بعد أن سارت ملكك داخل قلعتك

ورغم كل العذاب والاشتياق والحنين الذي يحتل عالمي
إلا أن عالمي معك في زنزانتك داخل قلعتك خلف أسوارك

أهون علي من الحياة بعيدًا عنك

فلا تحررني فكم أرغب أن أظل سجينتك إلى الأبد

. . .

وفجأة .. فتحت الباب .. أزلت السور والعائق بيننا

ودخلت .. لم أستطع الحراك من شدة سعادتي وألم لوعتي

وها قد انطفأت النار بداخلي .. فأنت أمام عيني، بجانبي، بداخلي

لا أريد أن أعرف إلى أين تأخذني وإلى أين سأذهب

ما دمت سأسير بجانبك .. تلمسني يدك .. تقودني أنت ..

معك يا حبيبي أينما شئت حتى وإن أبيت .. فرغبتي الوحيدة في أن أكون معك

وسرنا في ممر طويل .. آه كأننا نذهب إلى عرسنا يدي بيدك .. قلبنا متعانقان

نهرول لنعيش كل لحظة من عمرنا معًا دون فراق .. كم أرغب في أن تطول اللحظة

لكن لا تطول أجمل اللحظات

وأول شعاع نور اخترق عيني .. تتركني من يديك!

ومن شدة النور لم أبصر ولم أن أنظر إلا ورائي .. لا تتركني يا حبيبي

لا تحررني .. لا تبعدني عنك .. لا أحتمل العيش بدونك وإن استحال بقائي

لا تهلكني بالفراق .. نعم .. أستجدي حبك .. فهو الحياة

وفجأة التقطتني يدًا أخرى .. حينها لم أشعر سوى بالنار بداخلي ..

أيدُ أخرى تلمسني بعد يديك؟! .. لا أرغب في الرحيل ..

وظن الناس أني أقاوم .. لا لا أقاوم .. بل أحارب للوصول إليك .. لا تتركني

وحينها وضحت الرؤية .. ورأيت الناس من حولي ينظرون .. متجهمين

ينظرون .. وكأنني وحش .. غريب عن بشرهم

لم أكترث .. سوى للحبيب البعيد

حينها عرفت مصيري .. سأكون بعيدة عنك للأبد

ولكنك لن تكون بعيد عني بعد الآن ..

فالحياة لا معنى لها بدونك .. والموت أهون لي من الفراق

ما يفرحني هو أنك أنت من قدتني نحو أبدية حبك .. بيدك أنت

وما أخشاه أن تنسى هذا الفستان .. وتنكر روحي التي ستحرسك طوال الحياة

الأحد، 27 يونيو 2010

حان وقت الرحيل




أغلقت ورائي باب غرفتي .. وشرعت لأجهز ملابسي ومتعلقاتي ... فتحت الحقيبة واتجهت نحو الدولاب ... فتحته وحين مددت يدي لألتقط الملابس .. وقفت قليلاً ..

فوقعت عيناي على شيء ما من متعلقاتي القديمة ... وبعض اللعب التي تحمل داخلي ذكريات جميلة .. كذلك بعض الكتب التي أواريها بين الملابس فهي عزيزة على قلبي حتى أنني أخفيها عن الجميع .. أخفيها بداخلي .. استغرقت في التفكير وحملتني هذه الأشياء إلى أيام جميلة ومواقف طريفة وأخرى صعبة ولكن حينها أتذكرها أبتسم وأحيانًا أخرى أضحك .. كل ذلك ولا تزال يدي داخل الدولاب لأخذ الملابس التي سأدفنها في حقيبتي لأبعد بها عن بلدي وبيتي وأهلي وأصدقائي وذكرياتي ...

وانتهى بي الحال إلى دمعة هَربت من عيني .. لم أشعر بها إلا عندما لمست يدي ... وسرعان ما مسحتها .. لا لا تبكي فأنت رجل "والرجل لا يبكي" ...

ها أنا خارج من هذه البلد .. مضطر أنا .. أو منفي بإرادتي .. لست بطلاً فالأبطال الذي تم نفيهم خارج البلاد حملوا قضية على عاتقهم وقرروا التضحية بكل شيء من أجل هذه القضية .. أما أنا فلست بطلاً أنا شاب أسعى لكي أكسب قضية اليوم .. وهي "لقمة العيش" وإذا كانت "لقمتي" خارج بلدي فأنا ذاهب إليها وسأتحمل ما لا يطاق من أجلها ...

حينها ابتسمت .. ابتسامة انتزعتها من قلبي .. ابتسامة ساخرة .. مما لا أعرف ..

وكأنني كنت طول حياتي أبني بيتًا لأعيش فيه وحين اكتمل .. غادرته لكي أتحمل تكلفة العيش فيه .. ولكني لا أعيش فيه إلا زائرًا من العام للعام ...

فجأة سمعت طرقات على الباب ودخلت أمي .. ولم تقل شيئًا .. نظرت إلي نظرة مليئة بالحزن والحسرة تحاول إخفائها، وضعت ملابسي على السرير .. واتجهت نحو الباب فأطلقت تنهيدة قتلتني .. وكأنها رصاصة اخترقت صدري المجروح .. حينها لم أستطع .. جلست على السرير كأني سقطت ميتًا ... فبكيت وبكيت .. أحاول أن أتوقف فأنا رجل والرجل لا يبكي

نعم الرجل لا يبكي لكنه يهرب ولا يواجه واقعه ... الرجل لا يبكي وإنما يترك أمه وحيدة بدون رجل ... الرجل لا يبكي وإنما يذهب بعيدًا عن وطنه ليبني في غير بلده يتخلى عن الأرض الذي ولد وترعرع فيها ليجني الكثير من المال .. الرجل لا يبكي وإنما يتحمل الوحدة والغربة والإهانة ...

إذا بكيت الآن .. فماذا سأفعل هناك؟! ... كل ذلك وأنا جالس على سريري يدُ على ملابسي والأخرى في الحقيبة ... أرفع رأسي ثم أنظر إلى الأرض ... وما الفائدة ...

هيا لم يعد هناك وقت لكل هذا الكلام .. إذا سافرت .. فهذه فرصة العمر .. سأتعب قليلاً ولكنني سأجني كثيرًا .. وإذا بقيت فماذا سأكون "عاطلاً"؟! .. هيا هيا "الحياة لا ترحم الضعيف" لا وقت للدموع فالدموع للضعفاء ..

نعم سأشتاق لأمي وهي ستشتاق لي ولكن عندما أعود لها وهذه الحقيبة مليئة بالهدايا والمال .. ستنسى كل الألم وستفرح كثيرًا بل وستشجعني في المرة القادمة على السفر والعمل كثيرًا .. وستتغير الأحوال وأنا نفسي سأتغير وقد لا أبالي بكل هذه المشاعر .. نعم سأفقد الكثير لكن سأكسب الكثير أيضًا ...

رفعت يدي من على السرير وأكملت

وضع متعلقاتي بالحقيبة ..

فلقد حان وقت الرحيل

القصص الخرافية







قصص الحب .. لا لا بل قصص الأطفال الخرافية ...



ترعرعت مع حكايات وقصص سندريلا وبياض الثلج وأميرة البرج .. وغيرها من القصص الخرافية التي تتلخص في أن أميرة جميلة تعاني من مأساة معينة .. امرأة ظالمة تعذبها أو ساحرة شريرة أو حكم ظالم .. ثم يأتي الأمير الوسيم الشجاع الذي يضحي بكل شيء من أجلها .. حتى الموت .. والعنصر المشترك بين جميع القصص هو أن البطلة والبطل فائقي الجمال والوسامة وبمجرد ظهور البطل تختفي تلك المأساة حين تقع عيناه عليها ويحبها حب جنون "من أول نظرة" .. ويحيًا كلاهما في سعادة أبدية ترفرف حولها الطيور وتغرد العصافير وتعيش الطبيعة كلها في استقرار وسلام ...

(توتة توتة فرغت الحدوتة)

ثم نظرت إلى طفلتي فوجدتها مستغرقة في نومها بعدما استقرت وهنأ بالها من أن الحياة جميلة وبسيطة .. حتى أن حالها أحسن من حال الأميرات .. فبجانبها أمها وتهنأ بحياة مستقرة وقد تكون تحلم بذلك الأمير وتكون هي بطلة الرواية ...

تنهدت ولم أشعر بارتياح بل بوخزه في قلبي .. قصص خرافية .. ربما .. الجميع يقرأها .. نعم .. تؤثر فينا .. بالطبع ... وماذا بعد.

وماذا عن القصص الخرافية .. في واقع حياتنا القاسية .. هل يجب أن أروي لها أيضًا عن تلك القصص أم يكفي أن تستمتع بهذه الحياة فترة من الوقت .. وعاجلاً أم آجلاً ستواجه مصيرها .. ولعله يكون أفضل من مصيري ..

وضعت القصة بجانبها وقبلتها .. ثم اتجهت إلى غرفة نومي .. لأستلقي وأستريح .. بجانب بطلي .. فهذا هو بطلي الحقيقي .. وها أنا الأميرة أذهب لأستريح بجانبه .. غير مبالية أنا به وغير شاعر هو بوجودي .. لا أفكر سوى في الغد ... ولا أشعر بشيء سوى أن عيناي تستغرق شيئًا فشيئًا في النوم.

وتبدأ قصتي - أو مأساتي لا أدري – في الصباح .. أستيقظ مسرعة وأهرول نحو المطبخ لأعد الفطور .. وأتأكد من كل شيء جاهز، ملابس زوجي وملابس الأولاد .. ثم أذهب إلى العمل .. وتبدأ معركة أخرى في طريقي إلى العمل .. ثم معركة أخرى في العمل .. أحارب وأحارب حتى تنتهي المعركة (مأساتي) لا بالهزيمة ولا بالانتصار ... وأهرول متجهة إلى البيت .. كي أعد الغداء قبل وصول زوجي والأطفال .. آه أتمنى حقًا أن أكون محظوظة وأصل قبلهم ... وتبدأ معركة من نوع آخر .. بعد الأكل أبدأ في مباشرة أعمالي المنزلية ويساعدني زوجي في متابعة الأطفال ... والتلفاز الزائر المستديم معنا .. الحركة والضجيج ...

فجأة استوقفني صوت زوجي وهو يروي قصة أخرى للأولاد .. تركت ما بيدي ونظرت إليهم منصتة .. وغبت عنهم في تفكر عميق عن أميرات القصص الخرافية وأبطالها ...

وأقول لنفسي لو أن هذه هي كل مأساتي في الحياة فأين بطلي الذي أرغب كثيرًا في أن يأخذني على صهوة حصانه بعيدًا عن كل هذه الحياة .. لأعيش حياة القصص دون مسئولية ودون معارك ودون قلق من الغد ...

ثم أستيقظ على صوت يناديني ليحكي لي بشغف عن القصة والضحكات البريئة تبعث على السعادة .. ثم أنظر إلى زوجي مبتسمة .. نعم هذا هو بطلي .. بطل هذا الزمان فأنا أميرة هذا الزمان .. أميرة الواقع ..

ويحين وقت النوم وأحكي لطفلتي قصة خرافية أخرى .. وأردد بداخلي .. استمتعي بالأحلام وبهذه القصص .. فأنت حقًا تعيشين أجمل الأيام وربما يكون قدرك أفضل كثيرًا ويأتي حقًا الأمير الذي يسعدك ويحبك وتعيشي معه قصة خرافية في زمن الخرافات ...

وأقبلها وأذهب لأستلقي ..

الخميس، 24 يونيو 2010

فولة

استغرب الكثير الاسم لغرابته ولأنهم لم يدركوا ما علاقته بي...

حسنًا إلى من لا يعرف فولة

فولة .. رجل فلاح .. بسيط إلى أبعد الحدود .. يعيش في القرية التي وُلد فيها أبي وعمي .. وهو رجل ندر وجوده في زمننا .. وتبدأ الحكاية

كان فولة زميل عمي في المدرسة (مدرسة القرية) وبالطبع في الريف يعرف الجميع بعضهم البعض .. المهم لعمي مع فول موقف لم ينساه طيلة حياته حتى وفاته .. ففي يوم من الأيام وهم جالسون في المدرسة قرر المدير المرور ليتحقق من أن كل التلاميذ يرتدون الزي المدرسي .. وهذا ما كان نادرًا ما يحدث (ارتداء الزي) .. ولأن عمي كان يخشى أن يتعرض للضرب .. عرض على فولة اقتراح بأن يتبادلا ملابسهما .. في الحقيقة لا أعرف كيف وافق فولة على هذا العرض ولماذا ... المهم أنهم بالفعل تبادلا الملابس .. ومر الناظر كما وعد .. ووجد فولة غير مرتديًا الزي المدرسي .. فلقنه (علقة تمام) .. والغريب أنه لم يعترف بأن عمي يرتدي ملابسه أو أنه اعترف ولم يصدقه أو لم يرغب الناظر في تصديقه فكان جدي رجل من أعيان البلد وتلقى فولة الدرس وعمي سالم غانم.

هذه حكاية فولة .. أما حكاية عمي أنه لم ينسى فولة قط حتى بعدما غادر القرية واستقر في القاهرة وسافر بلاد كثيرة وقابل الكثير من الشخصيات المهمة وغير المهمة إلا أنه ظل طول حياته يتذكره ويحكي قصته معه بل وجعل منه شخص هام في حياته فتراه كثيرًا يقول "يا ترى ماذا سيكون رأي فولة في هذا أو ذاك" .. "أو ما كان فولة أعجبه هذا أو لم يكن ليُعجب فولة" .. وكأن فولة الأب الروحي لعمي .. وكلما ذكره كنا نململ من ذكره ونسخر منه أحيانًا ..

الغرض من هذا الاسم أنه مرتبط ارتباطًا شديدًا بعمي رحمة الله عليه وذكر اسمه يذكرني به وكم هو عزيز على قلبي وأرغب دائمًا في ذكره بذكر اسم فولة

ملحوظة: تناقل أشخاص كثر هذه الرواية، وهذه أقرب رواية لرواية عمي كما أتذكرها .. ومن الممكن أن هناك أشياء حدثت لا أتذكرها أو لم يتذكرها الراوي .. لكن المهم هو أن الغرض من اسم فولة هو ذكر عمي.

الثلاثاء، 22 يونيو 2010



قمر حبي


هي بنت صغيرة القلب ... لم يعرف قلبها الحب من قبل، وإن كان إيمانها به كبير.

عندما يكتمل القمر .. تقف في شرفتها .. ويصبح ليلها مضيئًا باكتمال القمر ...

تنظر إلى القمر وبداخلها إيمان أن حبيبها ورفيق عمرها الذي ستعيش معه أجمل قصة حب ينظر الآن إلى القمر .. في نفس لحظة وقوفها أمام القمر وكأنهما ينظران إلى بعضهما البعض.

تحلم بملامحه بل هي تعرفها لأنها قريبة من ملامح القمر .. تعرف شخصيته فقد أخبرها القمر كثيرًا عنه .. تعرف كيف يحبها وكيف ستحبه .. تعرف كل شيء عنه .. تتكلم معه ويستمع إليها والقمر وسيط بينهما .. تعبر له عما بداخلها ولكن بقلبها حتى لا يسمعهما القمر.

ويداعبها القمر فيتوارى بين السحاب .. فتبحث عنه غاضبة ومتوسلة "لا تغيب عني فيغيب عني حبيبي .. فأنت نافذتي إليه، لا توقظني من حلمي فأنت السبيل الوحيد لكي أصبر على الانتظار" فيعود إليها القمر فيهدأ بالها وتكمل حديثها وتأملها لحبيبها.


عندما يختفي القمر .. تبقى وحيدة .. ينشغل بالها بأحوال حبيبها .. هل يفكر فيها كما تفكر فيه .. هل هو بخير .. كيف أحواله وكيف تمر الأيام عليه وهو بعيد عنها.

تمر الأيام ويمنحها القمر بظهوره البطيء صبرًا حتى يكتمل ويضئ قلبها وتزين النجوم وصوله أو وصول حبيبها .. وتقف أمامه بلهفة وتغمرها نفس الأحاسيس مرة أخرى .. بأن حبيبها ينتظرهًا أيضًا ويتلهف لقائها أيضًا .. فتخبره كم هي مشتاقة إليه وعن لوعة الاشتياق .. وتعاتبه على بعده عنها كل هذا الوقت

لمَ لم يسعى للقائها حتى الآن؟ .. لمَ لم يحارب العالم والواقع ليعثر عليها؟! .. فهي قريبة منه قرب القمر منه.

ثم تسيطر عليها الأفكار وتطرح كثيرًا من الأسئلة: أين أنت؟ ما هي أرضك؟ كيف سنتقابل؟ وهل ستعرفني حبيبة القمر دون كل البنات؟ هل سأحبه أولاً وبعدها أعرف أنه حبيب القمر أم سأعرف بمجرد رؤيته أنه حبيبي القمري؟ كم من الوقت سأنتظر حتى أقابله؟ وهل سأعرفه بمجرد النظر في عينيه؟ هل ستعرفه أولاً أم سيتعرف هو علي؟ وتمر الأسئلة سؤال فسؤال، فسؤال ...

وتمر الأيام ... وتعيش قصة الحب في شرفتها أمام القمر منتظرة حبيبها .. متلهفة للقائه .. هل من الممكن أن يكون مر بجانبها يومًا ما دون أن تعرف؟! أو يكون نظر إليها دون أن يدرك؟! .. أو هل تفصلهما بلاد وبحار وأنهار وقد تقصر المسافة على الشارع المجاور لهم ...

ولا يبقى لها سوى الفراغ الذي لا يضيئه سوى وجه القمر وبدون القمر تصبح أيامها عتمة بانتظار نور الصباح .. نور حبيبها .. الذي تنتظره كل شهر.

هذا حال من تنتظر الحب .. ربما تكون رؤية خيالية .. فبداخل كل شخص منا رؤيته عن الحب وعن الحبيب .. فهل تتحقق رؤيتنا الحالمة وغير الواقعية عن الحب .. هناك من تتحقق أحلامه

الاثنين، 5 أبريل 2010

فستاني ...

تسير وسط الزحام تتكئ على عكازها ليحركها الهواء يمينًا ويسارًا فيختل توازنها ثم تعتدل وتكمل طريقها. لا تتذكر سبب خروجها من المنزل وإلى أين تتجه؟ وهي لم تترك المنزل منذ زمن، ولكنها اليوم، هذا اليوم تحديدًا رغم تقلب الجو تركت المنزل ونزلت إلى الشارع.

وهي في طريقها لمحت فستانًا أحمرًا، فستانًا قصيرًا جذابًا، يكشف عن مفاتن الجسم، يتهدل على التمثال بانسيابية وكأنه شلال مياه عذبة يجمل الصخر، يخفي بين طياته ألوانًا فيزداد عمقًا حينًا ويزداد شفافية أحيانًا... كم هو فاتن وساحر ... إنه ليس مجرد فستان بل هو حلم ....

وقفت العجوز فجأة أمامه، وتوقفت الحياة من حولها. وأخذت تتأمل الفستان وكأنها أمام تحفة تتفحصها ... وتحولت عيناها إلى عيني طفلة حالمة ... نظرت إليه كأنه سحرها، كأنه أسرها دون أن تعرف كيف ... ووقفت أمامه، وشعرت أن عمرًا قد مر وليست مجرد لحظات ... وبالرغم من أنه لا يناسب سنها، وقفت أمامه، كأنها شابة تتخيل نفسها ترتدي هذا الفستان ترتديه وتمرح به ...

مر زمن وهي أمامه لا تحرك ساكنًا ولا تفكر في أي شيء في الوجود سوى ذلك الفستان ...

ثم رفعت قدمها عن الأرض قبل أن تقدم العكاز كما هو المعتاد وكأنها نسيت أنها تتكئ على شيء ما لتتحرك وتحركت بخفة لم تعرفها وسحبت بعدها العكاز وكأنه حقيبة يدها تحركها في مرح ومضت متحمسة لشراء هذا الفستان ...

ودفعت باب المتجر ودخلت وما زال نظرها على الفستان ...

أقبلت منها سيدة وأخذت بيدها فتركتها مسرعة وكأنها تقول لا تفسدي هذه اللحظة ... واتجهت نحو التمثال ... لكن العاملة أيقظتها قائلة "قد تجدين هنا ما يناسبك" وأشارات إلى الملابس التي تعودت أن ترتديها منذ وقت طويل، ورمقتها بنظرة جعلتها تشعر أن عمرها مئة عام، لكنها لم تعرها أي اهتمام ولم تحيد بنظرها عن الفستان وأشارت إليه قائلة "بل أريد هذا الفستان" ... وساد الصمت لحظة ونظرت إليها العاملة في سخرية وتساؤل "مقاس كام؟" وأخبرتها بكل ثقة "مقاسي" ... وبالطبع رمقتها العاملة بنظرة كلها سخرية وإن حاولت طيها بالاحترام وقالت "لحظة واحدة" ... ولكن هذه اللحظة كانت بالنسبة لها عمرًا بأكمله. ظلت تنظر إلى الفستان وتتذكر شبابها وذكرياتها الجميلة ومرت أيام أمام عينيها تتذكرت فيها فستانيها الجميلة التي كانت تمتلكها وتذكرت قصة كل فستان على حدة وأخذت تبتسم وامتلأت عيناها بالدموع ....

وتنبهت أخيرًا على صوت العاملة "فلتجربي هذا" وأعطتها الفستان فأمسكته بكلتا يديها كأنها قد عثرت على ما كانت تبحث عنه ووقع العكاز فالتقطته العاملة وأعطته لها فلم تنتبه لهما واتجهت نحو مكان تجربة الملابس ودخلت ... دخلت إلى آلة للزمن وتحولت تمامًا إلى امرأة جميلة جذابة ونظرت إلى المرآة فلم تلمح شعرها الأبيض أو التجاعيد التي احتلت وجهها أو إلى جسمها الذي غلبه الزمن ... ولكنها نظرت إلى الفستان وإلى تلك المرأة التي كانت تعيش أجمل حياة ... امرأة تغمرها الحيوية ... ولا تدري كم ظلت في هذا المكان ولكنها كانت تعيش فيه كأنها تعيش حياة أخرى ومرت اللحظات ... واستيقظت على صوت العاملة "أهو مناسب سيدتي"، نظرت إلى المرآة "وابتسمت بل أكثر من مناسب فهو لي" وبدلت ملابسها وخرجت وكأنها وُلدت من جديد وفي يدها الفستان كأنه كنز قد حصلت عليه وقالت لها "سأقتنيه". دفعت ثمنه وتوجهت نحو الباب فنادتها العاملة "العكاز .. لقد نسيتي العكاز" فاستدرات ونظرت إليها كأنها تنظر إلى حالها من قبل "فلتعطيه لمن هي بحاجة إليه، فلم أعد بحاجة لمثل هذه الأشياء"، ثم توجهت مسرعة نحو الباب كأنها تريد الهروب من تلك المرأة التي دخلت توّا ... تريداللحاق بما فاتها من الحياة كأن الحياة تمتد أمامها كما كانت منذ سنوات مضت ....

أحست أنها تطير لم تشعر بهذا الجسد الذي يعيقها عن الجري والقفز لكنها شعرت كأنها تحلق في السماء ... وأحست بالهواء يداعب شعرها الفضي الذي يتوج رأسها والذكريات ترفرف حولها وكأنها فراشات تلعب معها ونظرت إلى الناس من حولها كأنها في حفل راقص مستمتعة رغم الزحام ...

حينها عرفت إلى أين تتجه وهي تمتلك الفستان ... فالفستان ليس مجرد قطعة قماش شكلتها الخيوط رداءً جميلاً ... لكنه إحساس غمرها فملأ حياتها ولو للحظة ... نسيت معه أنها عجوز وأدركت أنها امرأة ما زالت حية.

الأحد، 14 مارس 2010


الأحلام ... وماذا بعد؟


رأي : أحلم ... ولماذا أحلم ... فلقد ضاعت كل الأحلام ... كم سعيت! لكن لم تتحقق أي من أحلامي فما الفائدة من رسم الأحلام في بحر هائج تمحيها أمواجه.

رأي آخر: الإنسان بلا حلم هو إنسان بلا هوية ... فما الفرق بينك وبين سائر الكائنات إذا لم يكن لديك حلم وهدف تسعى لتحقيقه.

رأي: الهدف هو "لقمة العيش" ... فإذا سئلت أي إنسان عن السبب الذي يجعله صابرًا على الهوان وعلى ضياع أحلامه وعلى رفضه الثورة على الوضع الراهن وعلى هزيمته في معركة لم يخوضها قط وتنازله مرة تلو الأخرى ... فسيأتي رده "لقمة العيش" ....

رأي آخر: ومن منا لا يسعى وراء الرزق ولكن الرزق مضمون فهو بيد الله ... أما ما هو بيدك هو السعي وراءه ... ولكن ما فائدة السعي دون هدف.

رأي: هذا بالضبط ما أتحدث عنه حاولت كثيرًا ولكن تهزمني الأقدار فكل "مقدر ومكتوب" وإذا رجعت إلى الوراء ستجد أن للقدر اليد الوحيدة التي لعبت في مسار حياتي وليست رغباتنا أو سعينا ورائها ... من منا لم يرغب في أن يكون ناجح وأن يكون البطل ... ولكن ليس هذا زمن الأبطال هذا زمن يُقتل الأبطال قبل أن يولدوا ... فالظروف تًقهر ولا تُقهر.

رأي آخر: ومن البطل الذي وُلد في ظروف تهيئه للبطولة ... كم كانت ظروفهم أصعب ولكنهم أصبحوا أبطالاً لأنهم تغلبوا عليها ولم ينكسروا أو يخنعوا أمامها فلم يستسلموا للموجة لكي تمحي أحلامهم أو تغرقهم في دوامة "الظروف" ... أذكر لي بطلاً واحدًا خُلق في أوقات رخاء وسلام.

رأي: كم معسول هذا الكلام ولكن الواقع مرير ... فهل تذوقت مرارة الفشل والإحساس بصغرك أمام الفشل ... هل ذرفت الدمع يومًا لفقدان حلم من بين يديك "وكم كان وشيكًا" هل ذرفت الدمع يومًا لفراقك شخص لكي تصل لحلمك لهدفك ... وقد يكون هذا الشخص هو أنت ... ذاتك ... كرامتك ...

فما تتحدث عنه هو النجاح من بعد فشل ... الانتصار من بعد هزيمة ... الوصول من بعد تيه ... ولكن ما أتحدث عنه هو هذا الفشل بعد يأس ثم هزيمة بعد انكسار ....

فكم من هوية فُقدت بغرض الحصول على هوية أخرى نطلق عليها "حلم آخر" ... وصدقني لقد حاولت كثيرًا أن أخلق أحلامًا من العدم وفي كل مرة أفشل ثم أحاول مرة أخرى وأحاول وأحاول ولا أعرف للنجاح طريق ... هل دائمًا أنا السبب ولا يمكن أن تكون الظروف هي السبب ولو لمرة واحدة.

رأي آخر: حسنًا، فلتحكم أنت. هل كانت ظروف غاندي أو نيلسون مانديلا أو الديلاما أو أي من الثورين أو المغتصبة حقوقهم أفضل من ظروفك أنت ... وبالرغم من أن هذه ليست الحياة التي رغبوا فيها إلا أنهم جعلوا من هذه الظروف تاريخًا حول مسار التاريخ وغيروا معه حياة أناس آخرين .... فهل تعاني من الفقر وهم لم يعانوا، فهل تعاني من قسوة الأيام وهم لم يعانوا، فهل تعاني من انعدام الضمير وضياع الإنسانية، وهم لم يعانوا، هل خلقوا من فولاذ وأنت وحدك من طين ... خُلقنا جميعًا من طين ولكنهم هم من صنعوا الفولاذ لأنفسهم بروح نفتقر إليها جميعًا ليس بسبب الظروف ولكن بسبب الروح التي أوجدتها بداخلنا الظروف.

رأي: لقد ولى زمن الأبطال ... فقد كان أعدائهم أمامهم أما نحن فلا نعرف عدونا ... فلا يحيطنا سوى الفقر والجهل وهم كافين للقضاء على أي حلم وتدمير أية هوية ... فهولاء حاربوا أعداء ماثلين أمامهم ... أما نحن فلا نجد عدوًا نهزمه فلا نملك حتى حلم البطولة ... فنحن أعداء أنفسنا وأنفسنا هي السلاح الوحيد الذي نملكه ... فنحن وجهين العملة فإما أن نكون الأبطال أو نكون الأعداء.

رأي آخر: أوافق ولا أوافق، أعرف أن هذا واقع ولكن ما أرفضه هو قبول الواقع ... ما أود أن أوضحه أن في كل زمان دائمًا تجد ظروفًا سيئة ولكن نجد من يواجها أما نحن فلا نواجه ظروفنا بل نخضع لها ونجعلها ستارًا لنفوسنا الواهنة ومبررًا لقبولنا الفشل .. ما أرفضه رد فعل جيلنا تجاه هذه الظروف الذي أوجدتها نفوسنا.

....

الرأي والرأي الآخر ليس الوضع بيدينا ولكن ما بيدنا أن نحلم ونسعي ونتحلى بالصبر والإيمان بأن الغد دائمًا أفضل "فغدًا يوم آخر" ورغم كل الظروف "الأعداء" سنفعل ما يمكن فعله ونتحمل ما لا يمكن فعل شيء تجاهه ونرضا بما برزقنا ونصيبنا ولكن سنكون من فولاذ لنستقبل الألم بابتسامة ونسخر من القدر ونصبر على الواقع ونترصد للمستقبل ... وسأكون بهذا بطل زماني.

"هذا ليس حوار بين شخصين، بل حوار داخل كل شخص يكمن بداخله حلم أو شخص يسعى وراء هدف أو شخص يعاني من التناقض داخله ونحن في زمن المتناقضات، أو داخل كل إنسان يحاول ويحاول ولا يحصد إلا الفشل، أو أي شخص قهرته الظروف التي تَقهر ولاتُقهر".