الأحد، 27 يونيو 2010

حان وقت الرحيل




أغلقت ورائي باب غرفتي .. وشرعت لأجهز ملابسي ومتعلقاتي ... فتحت الحقيبة واتجهت نحو الدولاب ... فتحته وحين مددت يدي لألتقط الملابس .. وقفت قليلاً ..

فوقعت عيناي على شيء ما من متعلقاتي القديمة ... وبعض اللعب التي تحمل داخلي ذكريات جميلة .. كذلك بعض الكتب التي أواريها بين الملابس فهي عزيزة على قلبي حتى أنني أخفيها عن الجميع .. أخفيها بداخلي .. استغرقت في التفكير وحملتني هذه الأشياء إلى أيام جميلة ومواقف طريفة وأخرى صعبة ولكن حينها أتذكرها أبتسم وأحيانًا أخرى أضحك .. كل ذلك ولا تزال يدي داخل الدولاب لأخذ الملابس التي سأدفنها في حقيبتي لأبعد بها عن بلدي وبيتي وأهلي وأصدقائي وذكرياتي ...

وانتهى بي الحال إلى دمعة هَربت من عيني .. لم أشعر بها إلا عندما لمست يدي ... وسرعان ما مسحتها .. لا لا تبكي فأنت رجل "والرجل لا يبكي" ...

ها أنا خارج من هذه البلد .. مضطر أنا .. أو منفي بإرادتي .. لست بطلاً فالأبطال الذي تم نفيهم خارج البلاد حملوا قضية على عاتقهم وقرروا التضحية بكل شيء من أجل هذه القضية .. أما أنا فلست بطلاً أنا شاب أسعى لكي أكسب قضية اليوم .. وهي "لقمة العيش" وإذا كانت "لقمتي" خارج بلدي فأنا ذاهب إليها وسأتحمل ما لا يطاق من أجلها ...

حينها ابتسمت .. ابتسامة انتزعتها من قلبي .. ابتسامة ساخرة .. مما لا أعرف ..

وكأنني كنت طول حياتي أبني بيتًا لأعيش فيه وحين اكتمل .. غادرته لكي أتحمل تكلفة العيش فيه .. ولكني لا أعيش فيه إلا زائرًا من العام للعام ...

فجأة سمعت طرقات على الباب ودخلت أمي .. ولم تقل شيئًا .. نظرت إلي نظرة مليئة بالحزن والحسرة تحاول إخفائها، وضعت ملابسي على السرير .. واتجهت نحو الباب فأطلقت تنهيدة قتلتني .. وكأنها رصاصة اخترقت صدري المجروح .. حينها لم أستطع .. جلست على السرير كأني سقطت ميتًا ... فبكيت وبكيت .. أحاول أن أتوقف فأنا رجل والرجل لا يبكي

نعم الرجل لا يبكي لكنه يهرب ولا يواجه واقعه ... الرجل لا يبكي وإنما يترك أمه وحيدة بدون رجل ... الرجل لا يبكي وإنما يذهب بعيدًا عن وطنه ليبني في غير بلده يتخلى عن الأرض الذي ولد وترعرع فيها ليجني الكثير من المال .. الرجل لا يبكي وإنما يتحمل الوحدة والغربة والإهانة ...

إذا بكيت الآن .. فماذا سأفعل هناك؟! ... كل ذلك وأنا جالس على سريري يدُ على ملابسي والأخرى في الحقيبة ... أرفع رأسي ثم أنظر إلى الأرض ... وما الفائدة ...

هيا لم يعد هناك وقت لكل هذا الكلام .. إذا سافرت .. فهذه فرصة العمر .. سأتعب قليلاً ولكنني سأجني كثيرًا .. وإذا بقيت فماذا سأكون "عاطلاً"؟! .. هيا هيا "الحياة لا ترحم الضعيف" لا وقت للدموع فالدموع للضعفاء ..

نعم سأشتاق لأمي وهي ستشتاق لي ولكن عندما أعود لها وهذه الحقيبة مليئة بالهدايا والمال .. ستنسى كل الألم وستفرح كثيرًا بل وستشجعني في المرة القادمة على السفر والعمل كثيرًا .. وستتغير الأحوال وأنا نفسي سأتغير وقد لا أبالي بكل هذه المشاعر .. نعم سأفقد الكثير لكن سأكسب الكثير أيضًا ...

رفعت يدي من على السرير وأكملت

وضع متعلقاتي بالحقيبة ..

فلقد حان وقت الرحيل

هناك تعليق واحد:

  1. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه

    هذا هو أكثر موضوعاتك... لست أدري كيف أصف مشاعري تجاهه

    وجع وألم وحيرة

    ما الحل؟! سؤال أطرحه على نفسي منذ كنت في السادسة عشرة ومنذ ذلك الوقت لا أجد له جوابًا

    ردحذف